كتاب: سير أعلام النبلاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سير أعلام النبلاء



وروى: محمد بن علي بن المديني عن أبيه قال: لا يقدم أحد من رواة (الموطأ) على القعنبي.
قلت: حد الولي الرسوخ في العلم والعمل مثل القعنبي.
وقال أبو حاتم: ثقة حجة لم أر أخشع منه سألناه أن يقرأ علينا (الموطأ) فقال: تعالوا بالغداة.
فقلنا: لنا مجلس عند حجاج بن منهال.
قال: فإذا فرغتم منه؟
قلنا: نأتي حينئذ مسلم بن إبراهيم.
قال: فإذا فرغتم؟
قلنا: نأتي أبا حذيفة النهدي.
قال: فبعد العصر؟
قلنا: نأتي عارما أبا النعمان.
قال: فبعد المغرب؟
فكان يأتينا بالليل فيخرج علينا وعليه كبل ما تحته شيء في الصيف فكان يقرأ علينا في الحر الشديد حينئذ (1).
__________
= وفي قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا لم تستحي فاصنع ما شئت "- كما قال الحافظ ابن رجب- قولان: أحدهما: أنه ليس بمعنى الامر أن يصنع ما شاء ولكنه على معنى الذم والنهي عنه وأهل هذه المقالة لهم طريقان: أحدهما: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد والمعنى: إذا لم يكن حياء فاعمل ما شئت فالله يجازيك عليه كقوله تعالى: (اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير).
والطريق الثاني: أنه أمر ومعناه الخبر والمعنى أن من لم يستحي صنع ما شاء فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر وما يمتنع
من مثله من له حياء على حد قوله صلى الله عليه وسلم: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " فإن لفظه لفظ الامر ومعناه الخبر وأن من كذب عليه يتبوأ مقعده من النار.
وهذا اختيار أبي عبيد القاسم بن سلام وابن قتيبة ومحمد بن نصر المروزي وغيرهم وروى أبو داود عن الامام أحمد ما يدل على مثل هذا القول.
والقول الثاني في معنى قوله: " إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ": أنه أمر بفعل ما يشاء على ظاهر أمره وأن المعنى: إذا كان الذي يريد فعله مما لا يستحى من فعله لا من الله ولا من الناس لكونه من أفعال الطاعات أو من جميل الاخلاق والآداب المستحسنة فاصنع منه حينئذ ما شئت.
وهذا قول جماعة من الأئمة منهم إسحاق المروزي الشافعي وحكي مثله عن الامام أحمد.
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 181 والكبل: الفرو الكبير.